34129
"
طالب في كلية الطب يعيش في إحدى المدن الجميلة ، وفي أول يوم له في الجامعة , نهض باكراً ليذهب إلى الجامعة مشياً على الأقدام ، فهو يحب المشي كثيراً ؛ لما له من فوائد صحية ، وبالأخص في الصباح الباكر ، لم يعتد طالب الطب على الطريق فكان يمشي وينظر خلفه لكي يعلم كم مسافةً قد قطع !
وبينما هو يمشي لاحظ طالب الطب بيتاً صغيراً بجانب مؤسسة الكهرباء!
كان يصدر من هذا البيت صوت طفلة صغيرة تبكي بكاءً مؤلماً !
إستغرب الطالب من هذا البكاء الذي كان مؤلماً جداً!
بالنسبة للطالب كان أول يوم دراسي له ، فلم يأبه لهذا الصوت وقرر الإستمرار في المشي !
مر اليوم الأول والثاني حتى مر أسبوع ، وطالب الطب على نفس النمط ، يمارس رياضة المشي عندما يذهب إلى الجامعة كل صباح ، فجأة أستوقفه بكاء الطفلة في ذلك البيت من جديد ، البيت الصغير الذي يقع بجانب مؤسسة الكهرباء !
وفي هذه المرة أراد الطالب أن يقترب قليلاً من هذا البيت ليعلم لماذا يصدر هذا الصوت في أول الأسبوع تحديداً دون باقي الأيام !
أقترب قليلاً من المنزل ولكنه خاف من حراس المؤسسة أن يسألوه عن سبب تواجده أمام بوابة المؤسسة ! ففضَّل الرحيل تاركاً ذلك الصوت !
لم يغير الطالب عادته وظل يمشي كل يوم ؛ حتى مر شهرٌ كاملٌ ، وكان كلما سمع بكاء تلك الطفلة في كل أول يوم من الإسبوع يدوس على قلبه ويذهب دون أن يعرف سبب ذلك البكاء !
وذات يوم وفي اول يوم من الأسبوع قرر الطالب أنه إذا سمع صوت البكاء اليوم سيذهب ويرى ما سبب ذلك !
وبينما هو يمشي في الطريق المعتاد ، استوقفته طفلة صغيرة في سن الثامنة فقط ، مقابل البيت الذي كان يصدر منه صوت البكاء!
قالت له الطفلة : هل تشتري مني منديلاً يا عم ؟!
نظر إليها طالب الطب قائلاً : حسناً يا حلوة وبكم المنديل الواحد !
- هل تريد واحداً أم اثنين يا عم !
- واحداً فقط ، ولكن هلاَّ قلتِ لي، فأنا لم أرَك قبل هذا اليوم ! فأنا أمشي من هذا الطريق كل يوم !
اين هو منزلكِ ؟ ولماذا تبيعين المناديل ؟!
- ذاك هو بيتنا يا عم !!
أشارت الطفلة الصغيرة بأصبعها إلى ذلك البيت الصغير الذي يقع بجانب المؤسسة !
نظر إليها طالب الطب وعرف أنها نفس الطفلة التي كان يسمع صوت بكائها في بداية كل أسبوع !
فقال لها : ولكنكِ يا حلوة لم تُجبِ على السؤال الثاني ! ما الذي جعلكِ تبيعين المناديل !
قالت الطفلة مبتسمة : حتى أستطيع أن أدرس وأتعلم !!
شعر الطالب بأن صخرة كبيرة جثمت على صدره فقال لها : هل تبيعين المناديل حتى تلتحقي بالمدرسة !
أين أبوكِ و أمكِ ؟!
- أمي موجودة في البيت ، وأبي يذهب صباح كل أسبوع للعمل ولا يعود إلا نهاية الأسبوع ، وعندما يذهب أخبره بأنني أريد أن أدرس و أتعلم مثل بقية صديقاتي ولكنه يرفض ذلك ويقول: صديقاتكِ يمتلكن النقود للدراسة أما نحن فليس لدينا نقود !
فقررت أن ابيع المناديل حتى أوفر لي بعض النقود وألتحق بالمدرسة وأذهب مع صديقاتي !
نظر إليها طالب الطب متحسراً فقال : حسناً سأشتري منكِ جميع المناديل وانتِ إذهبي الآن إلى البيت وغداً انتظريني هنا وانا سوف أشتري منكِ المناديل!
- شكراً لك يا عم .
أشترى الطالب جميع المناديل وفي اليوم التالي وجد الطفلة في الشارع تقوم ببيع المناديل فذهب إليها مباشرة وقال لها : اما قلت لكِ بأنني انا من سيشتري المناديل !
- تأخرت يا عم وظننت بأنك لن تأتي !
- حسناً هذا ثمن المناديل إذهبي إلى البيت الآن !
- ولكن هذا كثير يا عم !
- قولي لأبيكِ بأنكِ تستطيعين توفير النقود للدراسة وأنك ستبيعين المناديل كل يوم بهذا السعر !
- قالت الطفلة مبتسمة: حسناً يا عم .
كان يعرف طالب الطب أن أبا الطفلة لن يقبل المساعدة من أحد فعزة نفسه تمنعه من أن يمد يده للناس ، فقال في نفسه : سأظل أشتري من هذه الطفلة المناديل بهذا السعر حتى تستطيع أن تلتحق بالمدرسة !
أستمر طالب الطب بشراء المناديل من الطفلة شهراً كاملاً وبسعرِِ باهضٍ قليلاً !
وذات يوم وهو يمشي كالعادة في طريقه إلى الجامعة لم يجد الطفلة في المكان الذي كانت تنتظره لشراء المناديل منها !
أستغرب الطالب من ذلك فنظر إلى البيت الصغير عسى أن تكون الطفلة بقربه ، ولكن لا أحد هناك !
تساءل الطالب : ما الذي قد يجعل الطفلة تتأخر !
قرر أن يجلس قليلاً منتظراً لها !
انتظر قليلاً ولكن الطفلة لم تخرج من البيت !
تأخر الوقت عليه قليلاً والمحاضرة اوشكت على أن تبدأ !
فهمَّ بالرحيل ، فإذا بالطفلة تصرخ : يا عم !
التفت إليها طالب الطب والطفلة مرتدية للملابس المدرسية والحقيبة على ظهرها وهي تمسك بصديقاتها ذاهبةً إلى المدرسة !
ابتسم التليمذ إبتسامة عريضة و سر سروراً كثيراً!
وبدأت الدموع تذرف من عينيه من شدة الفرح !