135
أكتب، لا أحد يمنعك من أن تجرّب، لا أحد يملك حقّ أن يفرض عليك كيف ترتب البعثرة في صدرك، لا أحد يقدر على مساعدتك طالما أنك لا تساعد نفسك. يوم كنا وحدنا وجدنا الحرف صديقًا جيدًا، لحظة رغبنا مشاركة العالم تنبهنا أن الكتابة دخول مهذب، عندما تذبل فرصنا نعلق النصوص احتمالات أفضل. أكتب، من خذلك يصير بوابة العبور إلى إحساس قلبك، من جرحك تتعافى من خيبته بمواساة حزنك، من سخر منك تنتقم منه بالكتابة عن شخص متخيل يدعمك. راقب أصابعك تتحدث بالنيابة عن لسانك، كلامك لا يقبل أن تعدل عليه بينما تثرثر، حرفك خيار إضافي لتقول أن لديك جانبًا روحيًا يظهر بوحك، وكأنه لن يهتم لأمرك غيرك. أكتب عن الرصيف، الحائط، لافتات الشوارع، الطريق، أكتب كذبة وصدقها، أكتب أي شيء، قل أنك موجود. أكتب، كما لو أنك الوحيد في هذه الضفة، كما لو أنك تقدر على مدّ صوتك و إرباك وحشتهم، كما لو أنك تريدهم جميعًا بقربك ولكنك مكتف بفراغك. أكتب، وإن عجزت عن ذلك أكذب، وإن كنت تهتم بما سيقوله الآخرون عنك فتأكد أنك لن تفعل شيئًا إلا بعد أن تأخذ موافقتهم، ولا تكتب، ولا تكذب، أصمت. أكتب، وهناك من يتابع فيلمًا جديدًا، من يتحدث إلى صديق قديم، من يراجع قائمة مهام الغد، من يستمع إلى حكاية مملة. أكتب، وكأنه لا متعة غيرها، لا أحد يقاطعك بينما تفعل، لا أحد يسمح لك بأن تتوقف طويلًا لتفكر في الكلمة القادمة دون أن يتدخل، أنت تريد أن تكمل جملة واحدة قبل أن تموت. تكلم، اصرخ، اغضب، عاتب، تمدد، غنِّ، ارقص، اضحك، عانق، احذر، خمّن، تردّد، تمرّد، اكتب وكأنك فعلت كل ما سبق لأنك حينها تموت وأنت قد جربت كل شيء. أرجوك لا تقل إنك لا تعرف ما هو الإدعاء؟ لا تخدع نفسك بأنك تعجز عن تركيب حكاية، لا تدعي أن ما تفعله وقت فراغك لا يعدو أن يكون نوع من الكتابة .