Перейти в канал

دروس في التوحيد

415
{شرح المسألة : الرابعة} وهي : الصبر على الأذى فيه ، الصبر حبس النفس على طاعة الله و حبسها عن معصية الله و حبسها عن التسخط من أقدار الله و الصبر في الدعوة إلى الله لابد منه إذ ما دعى أحد إلى هذا الدين إلا وأوذي وعودي و إمامنا في الدعوة هو {رسول الله صلى الله عليه وسلم} قال الله تعالى {وَلَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلࣱ مِّن قَبۡلِكَ فَصَبَرُوا۟ عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا۟ وَأُوذُوا۟ حَتَّىٰۤ أَتَىٰهُمۡ نَصۡرُنَاۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِ ٱللَّهِۚ وَلَقَدۡ جَاۤءَكَ مِن نَّبَإِی۟ ٱلۡمُرۡسَلِینَ} {الأنعام - ٣٤} وقوله : والدليل : أي على هذه المسائل الأربع : قال الله تعالى { وَٱلۡعَصۡرِ } أقسم الله عز وجل بالعصر وهو الزمن الذي تجري فيه الحوادث و الأعمال فهو ميدان العالمين و مضمار المتسابقين : فعلى المسلم العاقل أن يتنبه لهذا القسم حتى يعلم أنه لابد له أن يستغل كل لحظة من عمره قبل أن يأتي يوم لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً و قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولاخلال و قبل أن يأتي يوم يقول الظالم فيه {رَبِّ ٱرۡجِعُونِ۝لَعَلِّیۤ أَعۡمَلُ صَـٰلِحࣰا فِیمَا تَرَكۡتُۚ} {المؤمنون - ٩٩-١٠٠} فهذا الزمان هو مدة الأمتحان إذا انقضت هذه المدة ولم يغتنمها بفعل ما أمر الله به و اجتناب ما نها الله عنه فقد باء بالخسران و هذا : قول الله تعالى {إِنَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ لَفِی خُسۡرٍ} و هذا تأكيد بعد القسم من الله عز وجل أن كل إنسان خاسر مهما كثر ماله و عظم قدره و شرفه ، إلا من جمع هذه الأوصاف الأربعة ، الاولى : الإيمان {إِلَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟} إحداها الإيمان و يشمل كل ما يقرب إلى الله تعالى من اعتقاد صحيح و علم نافع ولا يصح إيمان بدون علم يسبقه وهو معنى قول : البخاري رحمه الله تعالى : باب العلم قبل القول و العمل لأن معتقد أهل السنة و الجماعة في أن الإيمان قول وعمل وهو قول القلب و عمل القلب وقول اللسان و عمل الجوارح فلا يقول القلب و يعمل وهو العقيدة إلا بالعلم الذي بهي صح الإيمان فيصلح القلب ، الثانية : العمل الصالح {وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ} وهو كل قول أو فعل يقرب إلى الله تعالى بأن يكون فاعله لله مخلصاً و {لمحمدصلى الله عليه وسلم} متبعاً وهما شرطا قبول العمل فلا يسمى العمل صالحاً إلا إذا توفر فيه هذان الشرطان فبالعلم يصير متبعاً و بصلاح القلب يصبح مخلصاً ، الثالثة: التواصي بالحق {وَتَوَاصَوۡا۟ بِٱلۡحَقِّ} وهو التواصي على فعل الخير و الحث عليه و الترغيب فيه وهي المسألة الثالثة : التي قال فيها و الدعوة إليها ، الرابعة : التواصي بالصبر {وَتَوَاصَوۡا۟ بِٱلصَّبۡرِ} بان يوصي بعضهم بعضاً بالصبر على فعل أوامر الله تعالى و ترك محارم الله و تحمل أقدار الله و أعلى درجات التواصي بالصبر وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اللذي نبهم اقوام الأمة و صلاحها و نصرها و حصول الشرف و الفضيلة لها : قال الله تعالى {كُنتُمۡ خَیۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ} {ال عمران - ١١٠} و بهذا نكون قد علمنا معنى قول : الشافعي رحمه الله : أنه لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم ، لأن العاقل البصير إذا سمع هذه السورة أو قرأها فلا بد أن يسعى إلى تخليص نفسه من الخسران و ذلك باتصافه بهذه الصفات الأربعة : الإيمان و العمل الصالح و التواصي بالحق و التواصي بالصبر ، وكان الصحابيان إذا التقيا لا يفترقا قبل أن يقرأ أحدهما على الآخر {سورة العصر} فتنبه لها حتى لا تكون من الغافلين إنتهى...