Перейти в канал

دروس في التوحيد

178
{ثامنها : لا يجوز أن يفرد الله تعالى بصفات كالمكر والاستهزاء والخداع لما فيها من تنقيص منه سبحانه بل يعمد إلى مقابلتها بأفعال المخلوقين : إنها لا تطلق على الله إلا في ما سيقت فيه من الآيات : كقول الله تعالى {وَمَكَرُوا۟ وَمَكَرَ ٱللَّهُۖ وَٱللَّهُ خَیۡرُ ٱلۡمَـٰكِرِینَ} { آل عمران - ٥٤} وقول الله تعالى {وَإِذَا لَقُوا۟ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡا۟ إِلَىٰ شَیَـٰطِینِهِمۡ قَالُوۤا۟ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ} {البقرة - ١٤} وقول الله تعالى {إِنَّ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ یُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَـٰدِعُهُمۡ} {النساء - ١٤٢} تاسعها : لا يجوز التفصيل في الصفات التي نفاها الله عن ذاته لما يحمله ذلك من قلة أدب في حق الله عز وجل : ويسمى كل ما نفاه الله عن ذاته صفاتٍ سلبية لما فيها من نقص كنفي الولد والنوم : قال الله تعالى {لَمۡ یَلِدۡ وَلَمۡ یُولَدۡ} {الإِخلاص - ٣} وقال الله تعالى {لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةࣱ وَلَا نَوۡمࣱۚ} {البقرة - ٢٥٥} فمثلا إذا قال إنسان لملِك أنت لست فقيراً ولا ضعيفاً ولا ذليلاً ولو كنت ذلك لما صرت ملكاً : فلا شك أن مثل هذه الأوصاف لا تلاقى بالترحاب ، عاشرها : إذا أطلقنا على الله اسم : الصانع : والمقصود : فإن ذلك يعد حقاً في ذاته سبحانه لأنه في حقيقة الأمر صانع للكون : ومقصود بالعبادة والرجاء : ولو لم يرد دليل مباشر في الكتاب والسنة على ذلك : لذا فقد سمى العلماء ما كان حقًا في ذات الله ولم يرد به نصٌّ إخباراً ، وقال شيخ الإسلام :رحمه الله ، وأما السلف والأئمة فلم يدخلوا مع طائفة من الطوائف فيما ابتدعوه من نفي وإثبات : بل اعتصموا بالكتاب والسنة ورأوا ذلك هو الموافق لصريح العقل : فجعلوا كل لفظ جاء به الكتاب والسنة من أسمائه وصفاته حقاً يجب الإيمان به وإن لم تعرف حقيقة معناه : وكل لفظ أحدثه الناس فأثبته قوم ونفاه آخرون فليس علينا أن نطلق إثباته ولا نفيه حتى نفهم مراد المتكلم : فإن كان مراده حقاً موافقاً لما جاءت به الرسل والكتاب والسنة من نفي وإثبات قلنا به : وإن كان باطلاً مخالفاً لما جاء به الرسل والكتاب والسنة من نفي وإثبات منعنا القول به : ورأوا أن الطريقة التي جاء بها القرآن هي الطريقة الموافقة لصريح المعقول وصحيح المنقول، وهي طريقة الأنبياء والمرسلين ، الأول : التمثيل : تمثيل الله وصفاته بالمخلوقين وصفاتهم أو تمثيل المخلوقين بالله : بالمطابقة دون أدنى فرق كأن يجعل اليد اليمنى إذا جاءت على اليسرى مطابقة لها دون أدنى فرق تقول الكف الأيمن يماثل الكف الأيسر فالمشبه يعتقد أن صفة الله جل وعلا في الاستواء على العرش هي الاستقرار على سرير الملك فيماثل هذه الصفة بصفة المخلوق أو يقول يد الله مثل يد المخلوق دون أدنى فرق هذا معنى التمثيل ، فالتمثيل : المطابقة في كلية الصفة ، التمثيل في اللغة : هو إثبات مثيل للشيء، أو هو التشبيه ، واصطلاحاً : هو إثبات مثيل لله عز وجل في ذاته أو صفاته ، حكم التمثيل : التمثيل كفر : لأنه تكذيب : لقول الله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} {الشورى - ١١} قال إسحاق بن راهويه : من وصف الله فشبه صفاته بصفات أحد من خلق الله فهو كافر بالله العظيم : والعقل لا يمكن أن يفرض لله مثيلاً لظهور التباين بين الخالق والمخلوق ببداهة العقول لكن لفظ التشبيه الذي يستعمل بمعنى التمثيل صار في كلام الناس لفظاً مجملاً يراد به المعنى الحق وهو ما نفاه القرآن : بقول الله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ۝} {الشورى - ١١} ويراد به باطل وهو ما عناه الجهمية وأضرابهم : فالمثبت للأسماء والصفات هو عند الجهمي ممثل : والمثبت للصفات هو عند المعتزلي ممثل : والمثبت لجميع ما أثبته الله ورسوله في كتابه وسنة رسوله من الأسماء والصفات هو عند الأشاعرة والكلابية والماتريدية ممثل : ولذلك لا بد من التفصيل والبيان عند الحكم ، نفي التمثيل أولى من نفي التشبيه : وذلك لثلاثة أوجه : الأول : أن التمثيل هو الذي ورد بنفيه القرآن : والتعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية الإلهية هو سبيل أهل السنة والجماعة : قال شيخ الإسلام ابن تيمية : رحمه الله ، في تقرير ذلك : ذكرت في النفي التمثيل ولم أذكر التشبيه لأن التمثيل نفاه الله بنص كتابه حيث : قال الله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} {الشورى - ١١} {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا۝} {مريم - ٦٥} ‏وكان أحب إلي من لفظ ليس في كتاب الله ولا في سنة {رسول الله صلى الله عليه وسلم} ، الثاني : أن نفي التشبيه مطلقاً يؤدي للتعطيل : ذلك أنه ما من موجودين إلا وبينهما قدر مشترك يتشابهان فيه : قال شيخ الإسلام ابن تيمية : رحمه الله ،