Перейти в канал

دروس في التوحيد

304
{وفوق ذلك غلو تحريف الجهمية الذي قادها للتعطيل الكلي : وأشد منه كفراً تحريفات الباطنية وغلاة الصوفية ، والتحريف محرم لأنه تغيير لكلام الله سبحانه : وقول على الله بلا علم : وقد ذم الله الذين يحرفون الكلم عن مواضعه من بني إسرائيل وغيرهم : والمحرفون فيهم شبه من اليهود والنصارى ، وقد يصل التحريف إلى حد الكفر : وهذا إذا كان تكذيباً : أما إن كان التحريف تأويلاً فهذا منه ما قد يكون خطأً معفواً عنه : ولهذا قال شارح الطحاوية : وكل من التحريف والانحراف على مراتب : فقد يكون كفراً : وقد يكون فسقاً : وقد يكون معصية : وقد يكون خطأ ، أما وجه ذلك فكما بينه الشيخ محمد بن صالح العثيمين : بقوله : إن كان هذا التأويل باعثه الهوى والتعصب وليس عليه دليل فهو كفر لأن حقيقته التكذيب : وإن كان باعثه الهوى والتعصب وله وجهه في لغة العرب فهو فسق : إلا إذا تضمن عيباً في حق الله فهو كفر : وإن صدر هذا التحريف عن اجتهاد وحسن نية وله وجه في اللغة العربية فهو خطأ : لأن الله سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها ، الرابع : التكييف : تحديد وتعيين كيفية الصفة او السؤال عن كيفيتها ومعنى ذلك أثبات لله سبحانه وتعالى ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله من الاسماء والصفات ومعانيها وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة من غير نفي لشيء ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل ولا تكييف ، التكييف : في اللغة : هو اسم معناه الاستفهام : وتعيين كنه الصفة أي الحال التي عليها الشيء ، وشرعاً : حكاية كيفية الصفة : كقول القائل : كيفية يد الله أو نزوله إلى السماء الدنيا كذا وكذا ، طريقة أهل السنة في جواب من سأل عن كيفية صفة من صفات الله : الطريقة الأولى : جواب الإمام مالك ، وشيخه ربيعة : وغيرهما : جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال : يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى۝} {طه - ٥} كيف استوى؟ قال :الراوي : فما رأيت مالكاً وجد من شيء كما وجد من مقالته : وعلاه الرحضاء : يعني العرق : قال : وأطرق القوم وجعلوا ينظرون ما يأتي منه فيه : قال : فسري عن مالك فقال : الكيف غير معقول : والاستواء منه غير مجهول : والإيمان به واجب : والسؤال عنه بدعة : فإني أخاف أن تكون ضالاً : وأمر به فأخرج ، الطريقة الثانية : أن القول في الصفات كالقول في الذات : فإن الله ليس كمثله شيء : لا في ذاته : ولا في صفاته : ولا في أفعاله : فكما أن ذاته لا تماثل الذوات فكذلك صفاته سبحانه لا تماثل صفات سائر الذوات ، حكم التكييف : التكييف حرام لأنه من القول على الله بلا علم : لأن الله أخبرنا عن صفاته ولم يخبرنا عن كيفيتها : أخبرنا أنه استوى على العرش ولم يخبر كيف استوى وهكذا ، والقول على الله بلا علم حرام : قال الله تعالى {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ۝} {الأعراف - ٣٣} قال ابن القيم : رحمه الله ، ورتب هذه المحرمات يعني في الآية المتقدمة : أربع مراتب وبدأ بأسهلها وهو الفواحش ثم ثنى بما هو أشد تحريماً منه وهو الإثم والظلم ثم ثلث بما هو أعظم تحريماً منهما وهو الشرك به سبحانه ثم ربع بما هو أشد تحريماً من ذلك كله وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه ، يتابع...